ﺑﻌﺪ ﻳﻮﻡ ﻃﻮﻳﻞ ﻭﺻﻌﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ، ﻭﺿﻌﺖ ﺃﻣﻲ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﺃﻣﺎﻡ ﺃﺑﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺎﻭﻟﺔ ﻭﺑﺠﺎﻧﺒﻪ ﺧﺒﺰﺍً ﻣﺤﻤﺼﺎً ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺨﺒﺰ ﻛﺎﻥ ﻣﺤﺮﻭﻕا ﺗﻤﺎﻣﺎ، ﺃﺗﺬﻛﺮ ﺃﻧﻨﻲ ﺃﺭﺗﻘﺒﺖُ ﻃﻮﻳﻼً ﻛﻲ ﻳﻠﺤﻆ ﺃﺑﻲ ﺫﻟﻚ.
ﻭﻻ ﺃﺷﻚ ﻋﻠﻰٰ ﺍﻷﻃﻼﻕ ﺃﻧﻪ ﻻﺣﻈﻪ ﺇﻻ ﺃﻧﻪ ﻣﺪ ﻳﺪﻩ ﺇﻟﻰٰ ﻗﻄﻌﺔ ﺍﻟﺨﺒﺰ ﻭاﺑﺘﺴﻢ ﻟﻮﺍﻟﺪﺗﻲ ﻭﺳﺄﻟﻨﻲ ﻛﻴﻒ ﻛﺎﻥ ﻳﻮﻣﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﺭﺳة وﻻ ﺃﺗﺬﻛﺮُ ﺑﻤﺎﺫﺍ ﺃﺟﺒﺘﻪ، ﻟﻜﻨﻨﻲ ﺃﺗﺬﻛﺮ ﺃﻧﻲ ﺭﺃﻳﺘﻪُ ﻳﺪﻫﻦُ ﻗِﻄﻌﺔ ﺍﻟﺨﺒﺰ ﺑﺎﻟﺰﺑﺪﺓ ﻭﺍﻟﻤﺮﺑﻰٰ ﻭﻳﺄﻛﻠﻬﺎ ﻛﻠﻬﺎ، ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻬﻀﺖُ ﻋﻦ ﻃﺎﻭﻟﺔ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻠﻴﻠﺔ
ﺃﺬﻛﺮ ﺃﻧﻲ ﺳﻤﻌﺖُ ﺃﻣﻲ ﺗﻌﺘﺬﺭ ﻷﺑﻲ ﻋﻦ ﺣﺮﻗﻬﺎ ﻟﻠﺨﺒﺰ ﻭﻫﻲ ﺗﺤﻤﺼﻪُ، ﻭﻟﻦ أيضا ﺃﻧﺴﻰ ﺭﺩ ﺃﺑﻲ ﻋﻠﻰٰ ﺃﻋﺘﺬﺍﺭ ﺃﻣﻲ: ﺣﺒﻴﺒﺘﻲ .. ﻻ ﺗﻜﺘﺮﺛﻲ لذلك.
ﺃﻧﺎ ﺃﺣﺐ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎً ﺃﻥ ﺁﻛﻞ ﺍﻟﺨﺒﺰ ﻣﺤﻤﺼﺎً ﺯﻳﺎﺩﺓ عن ﺍﻟﻠﺰﻭﻡ ﻭﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﻪ ﻃﻌﻢ ﺍﻹﺣﺘﺮﺍﻕ !!
ﻓﻲ ﻭﻗﺖ ﻻﺣﻖ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻠﻴﻠﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺫﻫﺒﺖُ ﻷﻗﺒﻞ ﻭﺍﻟﺪﻱ، ﺳﺄﻟﺘﻪ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺣﻘﺎً ﻳﺤﺐ ﺃﻥ ﻳﺘﻨﺎﻭﻝ ﺍﻟﺨﺒﺰ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎً ﻣﺤﻤﺼﺎً ﺇﻟﻰ ﺩﺭﺟﺔ الاﺣﺘﺮﺍﻕ؟
ﻓﻀﻤﻨﻲ ﺇﻟﻰ ﺻﺪﺭﻩ ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺒﻌﺚ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺄﻣﻞ:
ﻳﺎ اﺑﻨﺘﻲ .. ﺃﻣﻚ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻛﺎﻥ ﻟﺪﻳﻬﺎ ﻋﻤﻞ ﺷﺎﻕ ﻭﻗﺪ ﺃﺻﺎﺑﻬﺎ ﺍﻟﺘﻌﺐ ﻭﺍﻷﺭﻫﺎﻕ ﻓﻲ ﻳﻮﻣﻬﺎ.
ﺷﺊ ﺁﺧﺮ ..
ﺇﻥ ﻗﻄﻌﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺒﺰ ﺍﻟﻤﺤﻤﺺ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﻋﻦ ﺍﻟﻠﺰﻭﻡ ﺃﻭ ﺣﺘﻰ ﻣﺤﺘﺮﻗة .. ﻟﻦ ﺗﻀﺮ ﺃﻭ ﺗﺆﺫﻱ ﺃﺣﺪﺍً
ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻣﻠﻴﺌﺔ ﺑﺎﻷﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﻨﺎﻗﺼﺔ ﻭﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎﻙ ﺷﺨﺺ ﻛﺎﻣﻞ ﻻ ﻋﻴﺐ ﻓﻴﻪ.
ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﺘﻌﻠﻢ ﻛﻴﻒ ﻧﻘﺒﻞ ﺍﻟﻨﻘﺼﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻭﺃﻥ ﻧﺘﻘﺒﻞ أخطاء ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﻭﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺃﻫﻢ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻓﻲ ﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﻭﺟﻌﻠﻬﺎ ﻗﻮﻳﺔ ﻣﺴﺘﺪيمة
ﺧﺒﺰُ ﻣﺤﻤﺺُ ﻣﺤﺮﻭﻕُ ﻗﻠﻴﻼً ﻻ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﺴﺮ ﻗﻠﺒﺎً ..